كثيرا ما نسمع عن عمليات السرقة التي تطال البنوك و يقوم بها أكثر المجرمين احترافية، حيث تفنن العديد منهم في الخطط التي يضعونها لنهب أموال طائلة من أكبر بنوك العالم، لكن قصة الساحر ” فوتانغا باباني سيسوكو” كانت الأكثر غرابة وإثارة، وترجع خيوطها إلى سنة 1995، بعد أن أعلن بنك دبي الإسلامي في الإمارات عن سرقة 242 مليون دولار.

اعتمد سيسكو الذي ينحذر من مالي على مهاراته في السحر الأسود لتنفيذ عمليته، حيث قام أولا بطلب قرض من البنك لشراء سيارة وبعد أن تمت الموافقة عليه، دعى موظفا إلى تناول وجبة العشاء للتعبير عن شكره وامتنانه للخدمة التي قدمها له، وهنا بدأت أولى خيوط القصة، حيث قام سيسكو بإبهار الموظف الذي يُدعى محمد أيوب بمهاراته في السحر الأسود، وكيف يُمكنه مُضاعفة أي مبلغ من المال، ودعاه مرة ثانية لإثبات قدراته.

فضول أيوب كان قويا، وطرق باب منزل سيسكو وهو يحمل معه مبلغا من المال ليتأكد من إدعاءاته، وطلب سيسكو من الموظف وضع الأموال في الغرفة أمام أعينه ثم انتشر الدخان في أرجاء الغرفة وتعالت الأصوات المخيفة حسب تصريح أيوب، ورأى هذا الأخير المفاجأة وهي مضاعفة الأموال، لتبدأ عملية الاحتيال من هنا، بعد أن آمن أيوب أن سيسكو ماهر في السحر الأسود.
قام ايوب بعدها بتحويل مبالغ مالية على شكل دفعات إلى سيسكو قصد مضاعفتها، ما بين سنة 1995 و 1998، بلغت حوالي 183 تحويلا ماليا. عانى البنك حينها من أزمة سيولة، وتجمع المدعوون أمام البنك في انتظار سحب أموالهم، وقتها كان سيسكو في نيويورك ينعم بالأموال، حيث كان من بين شروطه التواجد خارج الإمارات حتى يتمكن من مضاعفة الأموال دون رقابة.

ومع تدفق الأموال على سيسكو بدأ في توسيع مشاريعه، حيث أسس شركة طيران أطلق عليها اسم “أير دابيا”، واشرت لها 3 طائرات. تورط بعدها سيسكو في العديد من القضايا بسبب اقتناءه لمروحيات عسكرية، وطالت الحكومة الأمريكية بحبسه لكن استطاع إنقاذ نفسه بكفالة بلغت 20 مليون دولار.
أنفق سيسكو الكثير من الأموال على متاجر المجوهرات والملابس ومحلات بيع السيارات، وأصبح من مشاهير وأغنياء مدينة ميامي، وتهرب من الكثير من القضايا بكفالات مالية، في ذلك الوقت كان أيوب تحت الضغط واعترف لأحد زملاءه بالمبالغ المالية التي قام بتحويلها إلى سيسكو.

صدر الحكم بسجنه 3 سنوات، وكذا أصدرت المحكمة الإماراتية حكما بسجن سيسكو 3 سنوات غيابيا، وأصدر الأنتربول قرارا بضطبه في حال وطأت أقدامه بعض الدول التي لها اتفاقيات مع الإمارات.
ومرت السنوات وعاد سيسكو إلى مالي موطنه، و أعاد تجهيز قريته وأصبح في السبعينات من عمره ولم يُسجن يوما واحدا، رغم أنه مطلوب من العدالة ولازال البنك الإماراتي يُلاحقه، وفي حوار أجرته معه إحدى صحفيات قناة “BBC” نفى سيسكو أنه أثر على أيوب بالسحر الأسود، وصرح أنه التقى به مرة واحدة فقط عندما شكره على القرض الذي اقتنى به سيارة يابانية الصنع.
وسألته الصحافية هل تستطيع التأثير على الناس بالسحر الأسود، أضاف سيسكو الذي بدد كل أمواله قائلا” سيدتي إذا امتلك شخص هذه القوة فلماذا يضطر إلى العمل ؟، فإذا كانت لديك هذه القوة، يُمكنك الجلوس في المنزل وسرقة كل بنوك العالم” وأضاف “أنا لم أعد ثريا..أنا فقير”.